الثلاثاء، 25 مايو 2010

قصة سمير والعيد

لي صديق عزيز ورفيق عتيق اسمه سمير وقد قص علي حكايته مع عيد الاضحى الاخير ساورد هنا قصة سمير مع العيد مع بعض التصرف وتغيير اللغة من المحكية الى الغة الفصيحة.




بدأ سمير حديثه بنبرة يشوبها الحزن الدفين وقال:




هو العيد اذا... عندما ياتي العيد تتحدد معالم الامكنة والنفوس من جديد هي ذكريات غائرة في ثنايا الذاكرة الخؤون, تطفو على السطح من جديد بين حين وحين خاصة عند المناسبات الكبيرة واللحظات الحاسمة والفارقة في مجاهل الصحراء الواسعة التي نقبع بين ظهرانيها... في الليالي الحالمة والعابسة في ان يظهر ذلك الطفل.. انا, اناي, انا .. حيث القلق ينتابني قبل العيد بايام والسؤال الابدي الذي كان يقض مضجع الطفل الوحيد سمير: هل سيشتري ابي لي الملابس الجديدة؟
وتابع سمير:
هل سالبس كما سيلبس الاطفال ام سامضي اياما وليال حزينة اشكو همي الى نفسي الحزينة.. في احدى السنين التي خلت كنت في االثامنة من عمري على ما اذكر, قبل العيد بيوم لاحظت ان والدي يفتقد الى قرش واحد من اجل شراء الملابس الجديدة لي ولاخواتي, في ساعات ما بعد الظهر من يوم الوقفة سالت ابي اين ملابس العيد فاجابني بوجه متجهم : غدا ساسافر الى حران وساجلب لك الملابس ولكنني عرفت في داخلي ان في الامر ثمة خدعة.. جاء العيد بتكبيراته وصباحه الصافي والملائكي ولما تدخل الملابس الجديدة لنا بيتا, بعد ان فركت عيني عرفت الطريق الى حيث يرقد ابي كان يحتسي الشاي ويدخن لفافة من التبغ, كان الجواب ظاهرا على محياه لا لا لن تاتي الملابس في هذا العيد خرجت من عنده اجر اذيال الخيبة والعار والهزيمة .. وكان ذلك عيد تعيسا بكل المقاييس الارضية.. طفل حزين ينعى حظه التعس مر العيد بين دمعة واخرى وانعزال عن الاطفال حتى لا يشمت الشامتون ويسخر مني الساخرون.




ظهر الاسى على وجه سمير وتابع يقول:
بعد ان تقدمت الايام والسنون وتلاشت ظاهرة شراء الملابس الجديدة في العيد من قاموسي الشبابي الذي اضحى ضبابيا ويميل الى الوحدة وشيء من الحزن الصامت الجميل. بت انظر الى العيد نظرة عداء شنيعة اكره الاعياد وما تجلبه من غم وهم وتعب واسفار لا متناهية في اصقاع الارض من اجل زيارة هذا وذاك ومجاملة زيد وعمر من اشقياء الخليقة. كما ذكرت في البدء العيد واجواؤه تجعلني اقف لحظة مع نفسي ..العيد يتطلب الفرح والبشر والانبهار وبشاشة في الوجه والحال كما يعلم القريب والبعيد هي نقيض ذلك تماما وغبي كل الغباء من يتحذلق او يتفلسف طالبا من الناس التفاؤل والضحك حتى تضحك لنا الحياة.. لعمري ان الحياة تسخر منا وتضحك علىينا.. افرح في هذا الهباء .
 
تجهم وجه سمير وتابع حديثه:
في العيد اشعر بفداحة الموقف وبؤسنا المتجذر شريط الاحداث ونوائب الدهر تمر بسرعة من امام عيني فاغمضها خجلا من كل شيء.. من عروبتي ومن دموع ذوي الشهداء في من نهر دجلة الذي غلبه اللون الاحمر القاني كما كان في عهده الاول زمن نالت منا سيوف التتار..ومن ومن ومن...وذرف سمير دمعة تائهة وتابع... واخيرا التحم الجيشان وعلى راسيهما زعق غراب البين ونال اهل مصر من اهل الجزائر ونال اهل الجزائر من اهل المحروسة وهي ايام  نداولها بين الناس بين غالب ومغلوب وقد تربع العربان على راس مغلوبي زمان ونالوا من الهزائم حظا عظيما. هكذا ياتي العيد يضع النقاط على الحروف ويحدد معالم الامكنة والازمنة من جديد, اما البلهاء الذي يقرقعون على طناجرهم وينادون على القمر عند كل مساء وردي حالم فلهم ومن اجل عيونهم وجدت الاعياد لتزرع مسرة وخدرا ابديا في قلوبهم وعقولهم  بهذه الكلمات المسرحية الماخوذة من قاموس الشاعر الساخر محمد الماغوط انهى سمير ذاك الحديث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق