الجمعة، 25 مارس 2011

حالة التخبط والعودة الى بنيامين

الثورات العربية ما زالت في اوجها, الثورات في تونس ومصر حطت اوزارها ولكن لا احد يعلم وجهتها, هل ستحقق الامال وتخفف الالام ام ستعود الكرة ثانية ويظهر بعض المنتفعين ويعود كل الى مكانه الذي يعرف, ثم بوادر خير نرجو الله ان يتمم بخير وشرق فجر جديد في مصر وتونس .
اما ما يحدث في اليمن وسوريا وثمة بوادر اردنية تطفو على السطح فلا نعلم الى اين تتجه الرياح, لكنني والله ارغب ان تنقلب عروش اصحاب النذالة من ملوك (مماليك ورؤساء(مرائيس!) على رؤوسهم ويولون هاربين كما فعل بن علي ومبيريك (مبارك) .


التخبط هو عنوان المرحلة الشخصية ايضا, في اليام الاخيرة ابحث عن افق جيد في مجال البحث العلمي, لفكر في اكثر من موضوع ومجال لاخوض غماره, ولكنني سرعان ما اتراجع متقوقعا على قراءات لا اول لها ولا اخر. اكب هذه الايام على دراسة بعض كبار النقاد في العصر الحديث امثال فالتير بنيامين, ادورنو, وياكبسون, وغيرهم.
ساتوقف قليلا عند بنيامين(1892-1940) ذلك الناقد الالماني الجميل الذي انتحر خوفا من النازيين واضعا بذلك حدا لحياة اتسمت بالاسى والعذاب. الذي جعلني اعرج على ذكر بنيامين هو موقفه من الفن ودور الفن في تغيير المجتمع وحض البسطاء والكادحين (العمال) على الثورة وذلك حسب النظرية الماركسية التي آمن بها بنيامين وهو اليهودي الالماني, في مقالته الشهيرة " الفن في عصر الاستنساخ الآلي" اكد بنيامين على الدور الكبير الذي يؤديه الفيلم (كنوع من الفن) في الثورات, في ايقاظ الجماهير وتوعيتها وحضها على الثورة ضد الظلم الاجتماعي والطبقي والاستغلال. هذا الراي لبنيامين حول الفن واهميته وخاصة الفن في العصر التقني والتركيز على السينما وصناعة الافلام وتاثيرها تعارض مع راي زميله في مدرسة فرانكفورت "ادورنو" ادورنو وهو الاخر مفكر بارز في تلك المجموعة دحض ادعاءات صديقه بنيامين بقوله ان دور السينما والفن بشكل عام سلبي وهدام, فحسب  ادورنو ان الافلام هي بمثابة تخدير وتنويم للناس وبذلك يصبح الفن نوع من التهدئة وتفريغ شحنات الغضب والنقمة على الظلم والاستغلال والكبت للفرد. بمفهوم ادورنو عندما يشاهد الانسان الفيلم يتخدر وتفتر حماسته ويعود الى عمله او عائلته وقد تخلص من شحنات الشعوروالغضب والاحتجاج في قاعة السينما. من هنا يرى ادورنو ان دور الفن هو سلبي ويبعث على الخمول والتكيف مع الامر الواقع مهما كان مرا وظالما.
لماذا اورد هذا الشرح المستفيض هنا؟ لا انا لست بصدد درس في الفلسفة او النقد الادبي . السبب هو التطورات الاخيرة في العالم العربي والتي يمكن شرحها بالاستئناس بافكار ادورنو وبنيامين! بشكل عام بدت افكار ادورنو حول الفن ودوره السلبي هي الاجدر والاكثر اقناعا. فمن يلقي سمعا الى افكار بنيامين حول دور السينما الثوري في تغير المجتمع.. من يسمع كلاما كهذه سيسخر منه وسينسبه الى الدعاية الماركسية التي عفا عليه الزمن ولكن..
من يلقي بالا الى ثورة الفيسبوك في مصر وما احدثته شبكة الانترنيت من تاثير حاسم على الثورات العربية في مصر وتونس وسوريا وووو.. هنا تقفز الى الاذهان نظرية بنيامن حول الفن في عصر الاستنساخ التقني. ها هي الوسائل التكنلوجية واجهزة الاتصال تغير وجه التاريخ, ان وسائل الاتصال والافلام بما فيها الافلام القصيرة (في اليوتيوب) لعبت دورا حاسما في حض الجماهير على الثورة, هكذا وفي هذا الوقت بالذات وعلى ضوء الاحداث الاخيرة المتسارعة في عالمنا العربي وغيره من انحاء العالم تعود اسئلة تاثير الفن واستنساخه تقنيا بقوة الى ساحة الحديث مما يؤكد عالمية وآنية افكار بنيامين ذلك المفكرالذي انتحر في ظروف ماساوية وعانى كثيرا في حياته ولم تسعفه الاقدار برؤية احتفاء المحافل العلمية بانجازاته, بالعودة الى طروحاته والاستضاءة بافكاره علنا نساهم في رد الجميل والمساهمة في الاعتراف بمساهمات بنيامين النقدية والفلسفية كاحد عمالقة الفكر العالمي في القرن العشرين.